رواية الخيال العلمي____((((النيزك))))

[size=16]الفصل الأول: إنه قادم..
____________________

الفضاء السرمدي الأثير..
ماذا يُمكن أن يُقال , و لا يُجحف حقك..حق جمالك..حق دقتك؟!
وحق خالقك؟!
فضاء عجيب هو أنت..
ففي بعض من الاحيان , و بالنظرة الأولى , نتصورك كيانًا ثابتًا راكدًا..
و في كُل الاحيان , و بالنظرة المُتعمقة , تؤكد لنا كم كُنا في حقك مُخطئين!
هذا هو أنت دائمًا..
كيانًا غامضًا , لن تنجح نظريات الحيوات كُلها في تفسير قبس من غموضك..
ثقوب سوداء..انفاق دودية..كوازرات..سُحب كونية..
مجرات..كواكب..كويكبات..نيازك..شُهُب..نجوم!
النجوم! , النجوم و ما أدراك ما النجوم..و سحر النجوم!
من يُصدق أن تلك اللآلئ التي تُطعم الفضاء الحريريّ , تُصنع من سلاسل عديدة متصلة من انفجارات نووية مخيفة!
و يا سبحان الله!
الخير يتمخض من رَحِم الشر!
الجمال ينبت من تربة القُبح!

نحن في القرن الثاني و العشرين..
وفي احدى قاعات الرصد الفضائي في وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) , حيثُ يقف د.(جونسون) –و هو مدير قسم الرصد الفضائي في ناسا- يتأمل شاشة الرصد التى تنقل صورة الفضاء المُحيط..

كانت الصورة المرصودة مدهشة الجمال..
شئ واحد فقط يُعكر روعة المشهد كله..
شئ فضيّ اللون..
نيزك..
نيزك بالغ الضخامة أمكن رصده بواسطة احدى الأقمار الصناعية الأمريكية..
النيزك كان يستعد لدخول المجموعة الشمسية..
المُريع أن سرعته لم تكن ابدًا بالسرعة المعتادة لمثل تلك الاجسام الكونية , بل هي أسرع بمراحل..
لذا فمن يرى المشهد لأول مرة يصاب مباشرة بذهول ما بعده ذهول!!
اما الرجل فكان شاحب الوجه بشدة كأنه لا يصدق ما يراه!
كيف يُعَقلْ أن يصدق بهذه البساطة؟!

كان حوله مجموعة من خبراء الرصد و أشهر عالمان فلكيان في تلك القاعة الواسعة المُحتشد فيها أحدث ما انتجته البشرية من اجهزة , و معدات , و (سوبر كومبيوتر) من طراز باهظ للغاية لحساب أدق الاحتمالات التى تواجههم في عملهم المُرهق هذا..
كانوا جالسين حول طاولة اجتماعات كبيرة مواجهة لشاشة الراصد..

تكلم شخص ما..هو (جاك ديكسون) , وهو أحد اعلام الفلك المشهورين..

كان الرجل يقول في توتر هائل:
"إلى أين يذهب هذا النيزك اللعين؟!"

رد عليه د.(جونسون) بتوتر مصبوغ بحزم مفتعل..نعم هو متوتر أيضًا:
"الاحداثيات التى غذانا بها قمرنا عن مسار هذا الشئ مع قياس سرعته اكدت لنا –بما لا يدع للشك- أن النيزك المزعوم هذا يتجه حاليًا نحو كوكب الأرض!!"

قالت عالمة فلك اخرى هي (مارثا دوبلر) بلهجة مُشبعة بالتساؤل المرعوب:
"إنه لا يبدو لي كنيزك؟!"

د.(جونسون) قال معقبًا:
"بالفعل , اثبتنا أن ذلك الجسم ليس نيزك حتمًا."
"و لكنه يتصرف حتى الآن كنيزك! , مساره ليس بالدقة الكافية لنقول أن هناك كائنات عاقلة تتحكم فيه , كما أن سُرعته تقل ببطئ..و هذا يكفينا..حتى الآن!"

حان الوقت لوصف النيزك بصورة أدق..
النيزك كان فضي اللون , حجمه كحجم قرية صغيرة المساحة..
الغريب أنه أملس!
أملس و مُستدير لدرجة يستحيل معها أن يكون طبيعيًا! , كما أنه لامع حتى أنه يعكس تألق النجوم الصغيرة من حوله..

(ديكسون) ضجِرًا:
"هل تريد اقناعي أن هذا النيزك هو سفينة فضاء داخلها مخلوقات فضائية , و قد عزمت على احتلال كوكب الأرض بتلك الخدعة الرخيصة!"

(جونسون) بتقريرية:
"لم نصل بعد لمرحلة الاستنتاجات.."

ثُم اضاف بلهجة مُغايرة:
"كل ما فعلنا هو ابلاغ القيادات العليا بالموقف كله ، و لم يصلنا الجواب حتى الآن!"

قالت (مارثا) –و كأنما تحاول الاستزادة من المعلومات- متسائلة:
"كم من الوقت تبقى قبل أن يصل النيزك المزعوم هذا إلى وجهته؟"

رمقها (ديكسون) بنظرة ساخرة دون أن يُعلق..
و اجابها (جونسون) بجدية:
"وفقًا لحساباتنا..شهرًا على أقصى تقدير."

-"يا الهي! من المستحيل أن يكون هذا نيزك عاديًا..من المستحيل تمامًا!"

(ديكسون) يقول بجدية مُشاركًا برأيه:
"عندما استنكرت أنا تلك الاحتمالات التى افترضتماها- لم اعترض لحظة على أن هذا ليس نيزكًا عاديًا , فبكل الاحتمالات لا يمكن ان يوجد نيزك سريع إلى هذا الحد المهول! , و لا أملس و كأنه صناعي الى هذا الحد! , ما أُريد قوله---"

(جونسون):
"اتصال عاجل..دقائق و اعود.."
كانت ساعته تتألق بلا انقطاع..

اومأ (ديكسون) له متفهمًا , ثم وجه حديثه لـ(مارثا) مُكملًا:
"ما أُريد قوله أننا يجب أن نتحرك بايجابية أكثر , مثلًا ماذا لو حاولنا نسفه بقنبلة هيدروجينية من ذلك النوع الجديد المتطور؟!"

كان (جونسون) قد خرج من القاعة ليتلقى اتصال عاجل من مؤسسة الرئاسة شخصيًا..
و ها قد عاد بسرعة تفوق المعتاد!

اندهش (ديكسون) و (مارثا) لمرآه سريعًا , فتنهد ثم قال مُفسرًا:
"الرئاسة قررت اطلاق أقوى قنابلنا على الاطلاق."

و لم يندهش العالمان كثيرًا.

**يُتبع**[/size]

[size=16]كانت الصدمة قاتلة للقيادات الامريكية..
الحقيقة التي أدركها الجميع , أن مادة ذلك الجسم كانت قوية بدرجة لا توصف , فلم تُحدِث القنبلة و لا حتى انبعاج صغير في مادته المنيعة!!
المُشكلة أن ثقل النيزك و متانته جعلا القنبلة لا تؤثر حتى في سرعته كثيرًا , رغم قوتها الفائقة..
وهنا تراكم الهلع في النفوس أكثر و أكثر..

كانوا يخشون بشدة تلك اللحظة التى ربما تحدث..
مخلوقات تخرج من النيزك المزعوم حاملة بنادق عجيبة..
تُبيد كل ما يتحرك أو حتى ينبض..

وأرتج العالم كله –من أقصاه إلى أقصاه- بالخبر المشؤوم..
انطلاقة النيزك السريعة جعلت العالم يرتجف أكثر و أكثر..
الكل يترقب سقوط شئ ما على رأسه ليسحقه سحقًا..
العالم يلعب على نَرد الحظ!
ولأشد ما يحتاج إليه الآن!

و الوقت يمر و يمر..
يمر و يمر..
إنه شعور المرء بالنهاية!
ذلك الشعور بالدغدغة تحت جلدك , بالوخز الخفيف تحت اظافرك..
شعور لا يرحم المرء..
لا تستطيع الجلوس , و لا النوم..
و لا حتى الحياة!

و الوقت يمر و يضيع و يتشتت في صراخ و جدال و محاولات عقيمة..
مجلس الأمن في حالة طوارئ..
الكل متأهب للمولود الجديد الذي سيُعيثُ في الارض فسادًا , و يحيل الحياة جحيمًا..
الكارثة خادمة القَدَر!

الشهر بوسيلة ما –أو بشعور ما- أصبح ثلاثة ايام!

أين سيتم المُخاض؟!
إلى أين سيطلق القدر قبضته الفولاذية القاسية؟!

حددت (ناسا) موقع سقوط النيزك , مُتذكرةً ما حدث ايام نيزك (اريزونا)..

و رُسمت على " كاليفورنيا بالولايات المتحدة الامريكية" الدائرة الحمراء..

**يُتبع**[/size]

[u]الفصل الثاني: رحلة البحث..
[/u]لم تقف الحكومة الامريكية مشلولة امام الدمار الهائل المُرتقب..
لقد بذلوا كُل ما في وسعهم من أجل تحجيم ضرر الكارثة , و كان الامر بإخلاء الولاية هو أول إجراء منطقيّ..

و لكن دعنا نعترف في مرارة: اخلاء ولاية بأكملها في ايام قليلة لهو قمة العبث!
في الغالب , سيموت الكثيرين اثناء الاخلاء ؛ بسبب الزحام المذعور و التكالب على الفرار من المنطقة الموبوءة..
نعم..سوف يظل الرُعب دائمًا هو سيد مثل هذه المواقف..
و هذا ما حدث..

دع عجلة الزمن تدور بضعة ايام إلى الامام و..
....
دووووووووووووووم!
.....
ليس هُناك الكثير ليقوله المرء في ذلك الموقف البائس..

الكارثة مروعة..ألا ترى هذا؟!
أنظر إلى الدماء البريئة المُراقة!
أنظر إلى كمّ الحطام , فهو حتى لم يعد حطامًا , بل صار رمادًا مسحوقًا!
إلى قرص الدمار الذي حُفِر داخل الولاية المنكوبة!
إلى الشوارع المُتشققة..
إلى البنايات المتهدمة من اثر موجة التزلزل الناجمة عن ذلك الكابوس الكُرّي!
إلى الابخرة الفائرة منه , المُتولدة من الحرارة الهائلة التي اكتسبها من الاحتكاك بالغلاف الجويّ..

لقد أقسم الأصم في اي مكان في العالم أنه سمع الدوي!
دويٌ هائلٌ اصاب الكثير من السكان المجاورين لمنطقة السقوط بالصمم!
لقد شعر السُكان بالارتجاجات العنيفة و كأن الكوكب كُله قد تلقى ركلة عنيفة بقدم فضائية عملاقة..

و كان حول دائرة المذبحة نرى حشدًا هائلًا من رجل الجيش..
الولاية قد اصبحت مهجورة , خاويةً على عروشها..
و كُُل يوم , يتعاقب النهار و الليل على رفاتها للتعزية..

.. بعد عام كامل..
و هاقد قام رجال الجيش ببناء مركزًا هائلًا فوق الفجوة ذات العُمق الكارثي و التي تستقر داخلها الكرة الفضائية تلك..
لقد حاولوا بأقوى روافعهم النووية تحريك النيزك المزعوم دون جدوى ، فاضطروا لحفر الارض حوله كي يستطيعوا الوصول له و فحصه..
لابد من فحص شي رهيب كهذا!

المهم , لقد مهدوا الارض حوله فصنعوا ما يشبه طابق تحت أرضيّ عميق..طابق مُجهز بكل ما يحتاجوا اليه من اجهزة لفحص هذا الشئ..
كذلك تم تعزيز المركز بأرقى الأسلحة التكنولوجية , و الشوشرة الفضائية القمرية حول تلك المنطقة السرية..
و بعيدًا عن خطابات المواساة و التبرعات من أجل اُسَر الضحايا الابرياء , كان الفحص و الكشف عن ماهية ذلك الشئ يجري على قدم و ساق..

و بدأ يتكشف لخبرائهم الكثير..

[center]****[/center]

[i]أولًا..هذا ليس نيزكًا بأيّة حال..
ثانيًا..مادته منيعة إلى حد لا يوصف و لكن..
ثالثًا..هناك شق مُربع رفيع للغاية في احد جوانب الكرة..شئ يُشبه بابًا أو كوة..
رابعًا..لا توجد طريقة معروفة لفتح تلك الكوة..يبدو أنها تحوي شئ ما بالغ الاهمية..
خامسًا..و هو المثير..أن هناك حروف عجيبة الشكل منحوتة بلغة عجيبة في منتصف الكوة المربعة الكبيرة تقريبًا..
سادسًا..جميع انواع اشعة الكشف تعجز عن اختراق مادته..مقياس التحليل الطيفي المُطور يُعطي خطوط عجيبة.

د.بول ثاندرز
رئيس الفريق العلمي المسئول عن دراسة النيزك.[/i]

[center]
**يُتبع**[/center]

[size=16]و طوال شهور عدة..
و بعيدًا عن محاولات البائسة للعالم -الخاضع سياسيًا للأمريكين- المُطاِلبة بكشف سر النيزك للجميع..
كان الخبراء يفحصون..و يفحصون , و قد تبدلت نظرتهم تجاه النيزك العجيب هذا من الكُره و الاشمئزاز إلى اللهفة و الحيرة و التساؤل عن ماهيته و أصله.

و كيف يمكنهم فتح الكوة؟!

إنه شعور لهفة الانسان الغامضة إلى ما خلف الابواب المغلقة..
إلى ما خلف المعلوم الى المجهول..
إلى ما خلف الواقع الى الخيال..

..بعد ستة سنوات..
كان حماسهم نحو الكرة العجيبة تلك قد بدأ يفتر تدريجيًا..
و لكن القدر كان يدخر لهم الكثير..
أكثر مما يظن أكثرهم تفاؤلًا..

كانوا قد حاولوا كل شئ لفتح كوة الكرة..
اللمس..الترددات الصوتية و ما فوق الصوتية..الطرق..الاشعاعات الحرارية و حتى النووية..الموجات الكهرومغناطيسية..الكهرباء..

و هنا لاحظ أحد نوابغهم امرًا هامًا جدًا..

[/size][center]****[/center]

"مادة الكرة حول الكوة تبدو عجيبة اللون إذا قارنتها بلون مادة الكوة نفسها , حيثُ يُعطيك ذلك انطباعًا عامًا أن الجزء الأول أكثر هشاشة من الجزء الاخير.."

هكذا سرت تلك الفكرة في اخاديد عقله..

و بُناءً على هذا , استدعوا أكبر علماء الذرة لديهم..
و لم يكن الامر هينًا , حتى بالنسبة لعبقري مثله..
فقد كلفه الأمر سنة كاملة من عمره..
سنة كاملة يدرس في صبر الاختلاف بين الشكل الفيزيائي الخارجي لمادتي النيزك حتى توصل للحل!

و قال في هدوء و ثقة لجَمع العلماء الجالسين امامه في قاعة المحاضرات داخل مقر دراسة ذلك الشئ:
"حسنًا أيها السادة , الامر كله يعتمد على ان جزء الكرة حول الكوة يبدو و كأنه مفرغ !..بل , يبدو و كأن مادته تم بنائها ذرة بذرة بحرص و دقة شديدين..فعندما تُفتح الكوة , تتنافر ذراتها بحيث تنجذب للفراغات بين ذرات الاطار الخارجي , فتتموج مادة الكوة و تتلاشى.."

"اعتقد أن الامر كله يتم عبر انابيب دقيقة للغاية تمر داخل الجدار رأسيًا و افقيًا , لتصل ذرات الكوة للمسافات بين بين ذرات الاطار!"

و بدا و كأنه تذكر شئ ما , فأضاف بذات ثقة:
"جدير بالذكر أن الشق المربع هو مجرد خدعة تمويهية..وقد اثبتنا ذلك من قبل عندما فحصنا عمق الشق , و وجدنا أنه لا يمتد الى كل سمك مادة الكرة."

قال -في لهجة بدت و كأنها اعتذارية- مُعقبًا:
"اعلم أنه امر شديد الصعوبة و لكن -بعد جهد سنة كاملة- أؤكد لكم أن هذا ما سوف يحدث!!"

ثم ابتسم في فخر مكملًا:
"فالامر كان مستحيل كشفه إلا بالخيال الجامح..و قد اكتسبتُ تلك المزية من قصص الخيال العلمي التي اواظب على قرائتها.."

احدهم يتساءل..

-"و لكن كيف يمكن احداث هذا التنافر؟!"

قال و كأنه يتوقع السؤال:
"أفضل مادة يُمكنها احداث تنافر –في اعتقادي- هي الجيل الجديد من جُسيمات البوزيترونيوم (*) , خاصة بعدما استطعنا جعل مكوناته أكثر تعقيدًا من الجيل القديم."

سرت همهمهات كثيرة..
منهم من استنكر.. ومنهم من تقبل الفكرة بحذر..
ولكن لم يثق احد ثقةً مطلقةً في كلام ذلك العبقري..
هكذا علّمتهم تلك الكرة الجهنمية!
ألا يثقوا في آرائهم و نظرياتهم الى حد اعتبارها وحي من السماء!

ولكنهم فعلوا ما اشار اليه صاغرين..

...شهر تقريبًا..
كانوا قد أقاموا مُعَجِْلًا ذريًا امام الكوة , ثُم أمدّوا انبوب طويل من المُعجِل الضخم و الصقوا فوهته بسطح باب الكوة..

و اطلقوا الشحنة..
شحنة البوزيترونيوم..
و...
و كأنما هو السحر..

تألقت الكوة بقوة..تألقت بضوء اخضر فسفوري وهَّّاج..

ثم حدث..
بدا و كأن ذرات الكوة تفقد تماسكها..
و كأن مادة الكوة تُمتَص عبر انابيب دقيقة غير مرئية في سُمْك اطار الكوة..
و بدا و كأن لون الكوة يزداد شفافية , اما لون الاطار فزاد وضوحًا و بريقًا..

و من خلف الزجاج المصفح للقاعة المجاورة ؛ تحسبا لأي خطأ قد يحدث ,أخذ العلماء يتابعون هذه الظاهرة التى حدثت في القاعة الرئيسية المُصفحة الجدران مذهولين..غير مُصدقين..

استمرت تلك الظاهرة حوالي عشر ثواني..

عشر ثواني بدت لهم ككابوس جاثم على عقولهم و قلوبهم..كهُلام ثقيل يملأ افواههم , و حلوقهم , و صدورهم..
وكأنك الصقت عقارب الساعة بمادة صمغية وهمية..

و عندما استعادت مستقبلات عيونهم قدرتها على رؤية المزيد , هالهم ما رأوا..

يا الهي! ما هذا!

انها لمنحة..
منحة من السماء للأمريكيين..
و للأمريكيين وحدهم.

[center]**يُتبع**[/center]
_____________________________________
[size=16][u]حقائق ورد ذكرها:

[/u](*) البوزيترونيوم هو جسيم حقيقي مائة في المائة..و هو عبارة عن الكترون و بوزيترون تم اجبارهما –بالمجالات الكهربية و المغناطيسية- على الدوران حول بعضهم البعض دون الاندماج و التحول إلى طاقة Annihilation.

والبوزيترون: هو مضاد الالكترون.. يحمل نفس كتلة الالكترون و هو موجب الشحنة بعكس الالكترون.[/size]

[size=16][u][center]الفصل الثالث: آثام الغرور..[/center]
[/u]

صمت مطبق جثم على الجميع في القاعة الرئيسية..
نظرات الذهول قتلت أي تعليق ممكن لما يحدث..

من يصدق هذا؟!

كانت مستقبلات العيون تنقل إلى الامخاخ نبضات..
نبضات تحمل المشهد الذي لن يفارق عقل أيًا منهم طويلًا..

ضوء أخضر يسطع من داخل تجويف الكرة الهائلة الحجم..
ضوء هادئ ينعكس على وجوههم الذاهلة مما أكسبها مظهرهم معنى خاص..
معنى للرعب..
لا , بل هو للذهول أقرب..
ضوء ساطع من قلب مادة الجدران..
وينعكس على شئ آخر..
بل اشياء..
الكثير منها..
تجويف الكرة يبدو و كأنه أكبر في المساحة من سطح الكرة الخارجي!!
حيث يتحوي على كمية هائلة من اجسام معدنية..
ميز العلماء منها –بسبب بعد المسافة نوعًا- آلات مدفعية الشكل , لها كل ما يمكن أن يميز المدافع في القاعدة و الشكل..و الفوهة..
همهمات..همهمات..

و هنا فقط انسحق جاثوم الصمت..
و تفجرت الحركة في المكان..

قال مندوب وزارة الدفاع في المركز بخطورة:
-"لابد من ابلاغ المسؤلين!..لابد!"

و صاح فيهم رئيسهم آمرًا:
-"هيا لنبدأ فحص تلك الأشياء , احرصوا على ارتداء الاردية الواقية ضد الاشعاع و الفيروسات..نحن لا ندري بالضبط مع ما نتعامل!"

ائتمروا بأمره في حماس , و بدأ المندوب في فتح قنوات الاتصال مع المسؤلين لأبلاغهم بالتطورات أولًا بأول..
....
الآن هم أقرب و يمكنهم رؤية المزيد من التفاصيل..
كان التجويف مُقسم الى حجرات متوسطة الحجم , في كل منها مجموعة مختلفة من الأشياء العجيبة تلك..

أشياء أشبه بالمسدسات الزجاجية..
و مجموعات متابينة الألوان من الكرات..
و مجموعة من الأشياء الشبيهة بالمدافع..

أمسك احدهم احدى المسدسات الزجاجية تلك , و شرع يتأملها في لهفة..
لم يستطع تحديد ملمسه بالضبط بسبب الزي الواقي و لكن رؤيته كانت كافية..
و كانت هناك خزانة من معدن ما داخل الجزء الخلفي العلوي من المسدس , ويمتد منها أنبوب من نفس المادة شكليًا عبر جسم المسدس و حتى الجزء الأمامي وهو الفوهة..

اما الكرات فكانت ملونة و لكنها شفافة في آن واحد..و تطفو داخلها حروف مضيئة شبيه بالحروف المحفورة على سطح الكرة..

..تسعة اشهر..
و استمرت دراستهم لتلك الأشياء أكثر من تسعة اشهر..
يدرسونها في بطئ و تأنٍ حتى لا يؤدي اي تهور إلى ما لا يُحمد عقباه..

و أكتشفوا عنها المزيد من الأسرار..
المزيد المستزيد..

إنها اسلحة..ف..ت..ا..ك..ة!!
من أي جحيم جائتهم تلك الاسلحة؟!
و كان منها ما يطلق فيضًا خارق التركيز من المادة المضادة , فيُمحي كل ما يعترض طريقه في لحظات..
قنابل ببتيدية تسبب انهيار خلوي لكل بشري في مجال انفجارها..
و غيرهما.

كل يوم يمر..كل قفزة شرقية غربية للشمس..يكشفون الجديد في تلك المعدات..
و كل يوم يمر..كل قفزة شرقية غربية للشمس..يزداد ذلك الشعور في نفوسهم..و يهيمن على أرواحهم أكثر و أكثر..
الغرور..
الغرور..إنه احدى اللعنات الشهيرة التي تصيب البشر..
الغرور..لعنة أقوى من لعنة الفراعنة المزعومة!..
مشكلة الانسان المُغترّ أنه أعمى..لا يبصر ما تحت قدميه , و ما فوق رأسه..
إنه الانسان , و نوازعه البشرية الحقيرة!
[center]****[/center]
[i]قرية صغيرة هي ترسانة اسلحة..
كمّ مروع من الاسلحة يكفي لغزو مجرة!!..
....
تكنولوجيا فائقة التقدم..
لقد حددنا الطبيعة التدميرية للكثير من الاسلحة و لكن , هُناك دائمًا المزيد..
لم نفهم أبدًا كيفية انتاج اسلحة مثل هذه , و يبدوا أننا لن نفهم ذلك قريبًا.
....
هذا يدفعنا إلى التساؤل عن النيزك المزعوم هذا..
ما هو حقًا؟!
مُخلفات حضارة فضائية سابقة مثلًا؟!
ربما..
د.هاريسون ستيفنز
خبير العلوم النووية و الطاقة
[/i][center]**يُتبع**[/center]
[/size]

[size=16]"ما آخر اخبار الخُطة الكبرى؟!"

يقولها الرئيس الامريكي في لهفة ما بعدها لهفة..
يقولها لذلك الاشيب ذو الملامح الصارمة..
لذلك الجالس امامه في مكتبه البيضاوي الشهير..
قوة الشكيمة , و الملامح الصارمة إلى حد ما..
هو عسكريّ اذن..
وزير الدفاع الأمريكي..

يرد عليه الوزير سريعًا:
-"تم دراستها جيدًا بواسطة آليات التخطيط الحربي و مجموعة من عباقرة الفنون الاستراتيجية..كل شئ على ما يرام.."
و أضاف:
"سنبدأ بعتاد مليون جندي..و ستكون البداية من مصر..فهي دائمًا أصلح مركز لاي غزو..دائمًا."
"لقد أحصى الكمبيوتر لدينا من الاسلحة الموجودة داخل النيزك حوالي خمسة ملايين سلاح من مختلف القوات التدميرية.."

بارتياح يقول الرئيس:
-"عظيم..يبقى تدريب الجنود على تلك الاسلحة المتطورة إذن.."

-"بالفعل , و بالمناسبة يا فخامة الرئيس..هل تسرب الامر حقًا للاوروبيين كما سمعت من مُدير المخابرات؟!"

فيرُد الرئيس بحنق روتينيّ:
-"دائمًا هناك الجواسيس..مهما كان تكتُمك على الامر..مهما بلغت قوة الدولة..هم هناك دائمًا!..و الآن يقوم رئيس المخابرات بعملية تنظيف كبرى للجواسيس..استجوابات..و تحقيقات..انها المخابرات كما تعلم.."

"دعك من هذا الآن.."
يقولها الرئيس مُتألق العينيين , و هو يتراجع بظهره على المقعد الوثير..العظَمَة الآدمية..أو هو الغرور..
ثم قال بثقة زائدة:
"المهم , ما أن اخبرهم جواسيسهم بالامر , حتى أجرى رئيس الاتحاد الاوروبي اتصاله معي. بالطبع هو موافق , بالطبع هم معنا.. "

قال الوزير بلهجة خاصة:
"مؤقتًا؟!"

لم يجيبه الرئيس..
فقط نر له نظرة طويلة..
ربما لها مغزى..ربما..

صمت خبيث الرائحة..

و تفكْر الوزير..
فليضمنوا ولاء الاوروبيين مبدئيًا على الأقل ؛ فلديهم مصالح مشتركة معهم..
كما أنهم لم يختبروا بعد التأثير الاستراتيجي للاسلحة المتقدمة التي حظوا بها..
و عندما وصل لتلك النقطة , قال بلهجة مفعمة برائحة الذكريات:
-"من يصدق أن كل هذا حدث بعد فتح النيزك المزعوم هذا؟!"

ابتسم الرئيس..أشرقت ملامحه , و قال:
-"لقد كانت فرصة العمر , فمنذ سنتين فقط فتحنا النيزك , و كان كنزًا لا يُمكن التغاضي عنه..أي احمق هذا الذي لا يستغل تلك الاسلحة؟!"

يؤمن الوزير على كلام رئيسه , يرفع زاوية فمه في سخرية قائلًا:
"و تجد الديمقراطيين الآن يصرخون فينا بعدم استغلال الاسلحة , مُتعللين بنفس الحُجج السخيفة التي صرخوا فينا بها أيام غزو العراق , و أيام أيران..نفس الهراء!"

مرت فترة صمت مملة اخرى..
تململ الوزير..نهض..استأذن من رئيسه الرحيل..

بعدها أخرج الرئيس ورقةً ما من درج خاص داخل مكتبه , و ذيلها بتوقيعه..
و أدخلها بفتحة رفيعة على سطح المكتب , ثُم ضغط زر خفي في أحد الادراج , فأنسحبت الورقة إلى داخل التجويف , ثُم أعلنت شاشة الحاسوب المركزي –الموجودة على سطح المكتب- أن القرار المُوقَع قد تم استقباله..

ثُم نهض من مكانه , و أتجه نحو جزء خاص من الجدار الايمن لمكتبه..
فَرَدَ راحة يده اليمنى على جزء خاص جدًا في الجدار..لونه مختلف اختلافًا طفيفًا عن لون باقي الجدار..
ثم أعاد ذراعيه إلى جانبي قامته..
و وقف امام ذلك الجزء في صبر..ثابت الحركة..منتصب القامة..

صوت بشري..آلي..غير حي..قادم من كل مكان..

"توزيع المسام العرقية..موجب.."
"بصمة قزحية العين..موجب"
"توزيع الاوعية الدموية*..موجب.."
"درجة انحناء القلب**..موجب.."
"العضلات..موجب***.."
...
"مرحبًا يا سيادة الرئيس..من فضلك أدخل الامر الرئاسي.."

بلهجة آمره..يقول الرئيس:
"أبدأ الاستنفار العام للجيش..و أصدر الاوامر ببدء تدريب الجنود على الاسلحة الجديدة."

"فحص البصمة الصوتية..موجب..تم تأكيد الامر الرئاسي.."
[center]**يُتبع**[/center]

______________________________________________

*"توزيع الاوعية الدموية"
بالطبع هو مصطلح غير موجود على أرض الواقع , و لكن يختلف البشر بالفعل في توزيع بعض الأوعية الدموية. فهناك فروع شريانية و وريدية تنشأ من شرايين و أوردة معينة , أو من أخرى..
و هذه المجموعة من الاختلافات في توزيع الاوعية الدموية قد تُشكل بصمة مميزة للشخص..

**"درجة انحناء القلب.."
ربما تكون فعّالة خاصةً في حالة قِصار القامة و طوال القامة بشكل ملحوظ , مما يُضفي عليها نوع من البصمة للأشخاص.

***"اختبار العضلات."
ايضًا هو غير موجود على أرض الواقع , حيث هناك بعض العضلات (احداها في الكف و اخرى في الساق) ربما لا توجد في بعض البشر , و ربما تُستخدم كبصمة.


[/size]

[size=16]الكرة الارضية..

تلك البلورة النفيسة التي تطفوا قُرب قلب المجموعة الشمسية..
تلك اللؤلؤة التي تتوسد الفضاء المخملي في ابهار..
تلك الزمردة التي تراها من على سطح القمر..فتشعر أنها ارض الجنة!
لا شك أن السُحُب تخفي الكثير من المعالم..و تخفي الكثير من الحقائق , و إن الجهل لأكثف السحب التي عرفتها البشرية!

حرب..
حرائق..
رتق الاخطاء بمبررات سخيفة..
بتر العلاقات البشرية الحميمة..

الامريكيون يقودون حربًا شعواء..
معهم الاوروبيون..بنفاق..و خوفًا من البطش..
و الاسرائيليون بكُل حقدهم تجاه العرب..

يَقتُل..
يُقتَل..
العرب هم الاساس..فليذهب اولئك القوم إلى الجحيم!
لماذا لا يُبادون ليريحوا السادة الغربيين؟!

و يتولّد مقص عملاق..
فكيّه الانظمة البيروقراطية و الكُره العنصري..
تقبض عليه يد الاستعمار القاسية..
خيط السبحة ينقطع..
تنفرط حبات العقد..
واحدة تلو الاخرى..
و تسقط الحبات في بركان الاستعمار..
حبة..حبة..
فيفور بركان الاستعمار أكثر و أكثر..
و يشتد و يتوسع أكثر و أكثر..
ليشوي الشعوب بلا أدنى انسانية..
فتنبعث منهم أبخرة الدمار و الموت..
لتغلف الكرة الأرضية..
لتراها من الفضاء ارض الجنة!
و يا لها من أرض!

كان تلك الفترة من التاريخ فترة مستحيلة!!
حيث لا يوجد قوة حقيقية للمقاومة..
كيف تكون المقاومة دون ترابط؟!
كيف تكون؟!

إيران المدحورة بعد أن لقنها الامريكيون درسًا قاسيًا في طاعة الاوامر العُليا , و كان ذلك في القرن الماضي..

العراق..الحرب الازلية بين السُنة و الشيعة..
غريب أمرهما فعلًا!
المحتل في ارضهم..يقتل ابنائهم..ثمار حياتهم تُحرق بالمادة المضادة و مشتقاتها..و بالرغم من كل هذا , يتعاركون و يتناحرون و كأنهم يحاولون ارضاء المحتل المُشاهِد بمبارزة رائعة من الطراز الأول..
حيث يقتل الصديق صديقه..
حيث تتعدد المذاهب..
و تتضارب النوازع..
مصر , حيث الفساد و مصادرة الحريات على جميع الوجوه..

متى سنتحد؟!
متى؟!
بعد أن نفنى فلا يتبقى منا سوى عظايا؟!

هي معركة سلاح ضد سلاح..
معركة تكنولوجية , يفوز فيها من هو أكثر تقدمًا..
صارت النتيجة واضحة إذن..

الأدهى في الامر , أن تلك الاسلحة لم تكن تترك خلفها قطرة دم واحدة..
فالمادة المضادة و مشتقاتها كانت تتكفل بالتنظيف التام..
الانسان الضحية لتلك الاسلحة..كان يتبخر جسده بكل ما تحمل الكلمة من رنين مرعب!!..
انسان كامل....انسجة..سيالات عصبية..هرمونات..افكار..احلام..
و بخار!!..بخار هو ما تؤول إليه كل هذه التراكيب المعقدة البديعة..

من ينجو من المدافع المضادة , كان يتفكك خلية خلية بالقنابل الببتيدية..
وغيرها من الاسلحة الفتاكة..

الغريب أنهم يُوجدون لذلك مبرر داخل انفسهم!
"لقد سحق النيزك عند سقوطه الآلاف! , فلننتقم لضحايا النيزك إذن!"

ثلاث سنوات..
الغربيون في كل مكان..
و كل قارة..
يحكمون و يسيطرون..
يقتلون و يبيدون..

عشرة سنوات..
من العذاب..
و الذعر العالمي..
و المقاومة الضعيفة التي تأبى أن تُغرَق في إباء..

كان قدرهم يتربص بهم خلف جدار الغرور , و ينتظر..
و ينتظر ليشاهد ما ستؤول إليه الامور..

ها هو ينهض من تربُصه الطويل..
يخرج لهم من خلف جدار الغرور..
المارد يخرج من قُمقُمه..
فلترتجفوا يا أهل الغرب!

[center]**يُتبع**[/center]
[/size]

[size=16][center]الفصل الرابع[/center]
مصر..العصر..

الصيف بقيظه..
إنها رائحة العرق المالحة المكدودة..
و الاجسام اللزجة..
و الاحتلال!
كان ينقصنا هذا الاحتلال هو الآخر!
العمائر هي خرائب..
الخرائب هي جحيم..
دبابات هوائية عجيبة تتطاير في نشاط , و كأنها تتأكد من أن التخريب على قدم و ساق..
و أن التقتيل على قدم و ساق..
بل على اقدام و سيقان عديدة..

تتطاير في ارعاب و رهبة قاذفةً ظلالها الطويلة على الشوارع التي لم تعد شوارع..
و الهواء الملتهب..
كذلك الاحتلال..

و يستند أحد الجنود الامريكيين إلى شجرة متفحمة , يُحادث زميله في مرح , حاملًا سلاحًا يكفي أن ترى شكله كي تموت , كُلٍ منهما يرتدي زيًا فضيّ اللون , و تُُحيط برأسه خوذة داكنة , توفِْر مع الزي جوًا مُكيفًا داخلهما..
كما تُساعد الخوذة على تحديد نُقطة الضعف المُثلى للخصم , عن طريق حاسوب غاية في التطور , غاية في الدقة , غاية في الصِغَر..
كما أن نسيج الزي نفسه مُقاوم للرصاص , و النيران..
يا للبسالة!

"ألم تحدد الوكالة بعد المقر الرئيسي للمُقاومة؟"

يسأل (توماس) زميله (ريج) بذلك الملل الامريكي الشهير..

-"لا جديد..من يهتم؟!"

و (توماس) يُعدِل هندامه الحربي المتخشب من حرارة الشمس قائلًا:
-"بالتأكيد.. و لكن لازالت الخسائر هنا و هناك , على الرغم من اننا نمتلكهم تقريبًا."

و تمضي فترة من الصمت المُتململ , حيث اخد (ريج) يتأمل سلاحه بشرود..
و (توماس) الشارد المُتململ..
شاردان..

ثم يقول (ريج) فجأة و كأنه يتشبث بطرف أي حديث:
-"متوقع , هكذا كل الحروب..دائمًا هناك خسائر , و.."

"ححححححححغغغغغغغغ!"

يقول له (توماس) بجزع مفاجئ:
"بحق المسيح! , ماذا حدث!؟"

كان (ريج) قد تحول إلى صُنبور بشري!..شلالات من العرق يُفرزها جسمه بلا روية..ملابسه المبتلة..
رائحة البول..
صوته المُتحشرج..
لا يتكلم..
لا يُعبر..
لا يستطيع الوقوف..
لا يستطيع الحياة..
لقد مات!
تهاوى جسد المسكين امام عيني صديق عمره!
مـ..ا..ذ..ا..؟....يـ..قـ..و..ل..؟!..
ما هذا الألم الحارق الذي يسير في اوصاله؟! كالحمم..
و تحت جلده؟!
أهو الجحيم حقًا؟!
و يشعر بسائل ساخن يُفرز من جسده المُنتفض..
من كل مسامه..
و البول..
قلبه يرتج داخل صدره..كأسير يُريد تحطيم قضبان سجنه..
و الرؤية؟!
لماذا تتحرك البيوت المهدومة نحوه هكذا؟!
لماذا تبدو و كأنها تستعد لألتهامه التهامًا بأنيابها الحجرية المتفحمة؟!
لـ....[/size]

[center]يُتبع[/center]

[size=16]"لماذا لا تُجيبني يا سيادة وزير الدفاع؟!"
يقولها الرئيس بوجه مُحتقن بالغضب , و هو يميل بجسده إلى الامام..

فيرد عليه الوزير , محاولًا تهدئة غضبته:
"الحقيقة يا سيادة الرئيس , أن عدد القتلى لدينا و الاوروبيين يزداد بطريقة مخيفة.."

-"لقد قرأتُ التقرير بالفعل! , و لكن ماذا هناك حقًا؟!"

يجيبه الوزير بسرعة:
" المشكلة ان جثث الضحايا لا يظهر عليها أيّة علامات قاتلة..كالطعن أو الرصاص الذي قمنا بتقنين استخدامه بعد ان حصلنا على التكنولوجيا الفائقة من –"

يهدأ الرئيس بعض الشئ , و يقول في لهفة ضَجِرة:
-"أكمل دون سرد لأحداث أعرفها بالفعل.."

-"حسنًا , لا يوجد علامات ظاهرة على الجثث تدل على محاولة قتلهم..و كأنهم يسقطون في ساحة القتال دون أن تصيبهم و لا حتى ذبابة.."

"لقد تحرينا عن الأمر بدقة , و استجوبنا مجموعة من الجنود..أكدوا لنا انهم رأووا بعض زملائهم يسقطون دون حِراك..و اتفقت شهادتهم مع تقرير الاطباء الشرعيين. العرق و البول يا سيدي! , كمية لا يمكن لأي جسد بشري طبيعي أن يُفرزها!"

يصمت لحظة ليُهدئ انفعاله المناظر لأنفعال رئيسه , ثم يستطرد:
"التقرير المبدئي للأطباء الشرعيين يؤكد أنها حالة جفاف شديد , بل حالة جفاف مستحيل لو اردنا الدقة!"

"كثَّفنا التحريات أكثر و على نطاق أوسع مع الاوروبيين , فوجدنا أن الحالة قد انتقلت إليهم ايضًا! , و ها نحن اولاء نجري في كل المسارات المتاحة لفهم طبيعة ما يحدث داخل صفوفنا."

يعتصر الرئيس رباطة جأشه بصعوبة , متسائلًا:
-"و ما موقفكم الآن؟"

-"ينظر أطبائنا في التاريخ الطبي للجنود المتوفين , على الرغم من الاختبارات المُعقدة و الفحوصات التي يخضع لها الجندي الامريكي..كما يقومون بفحص الجنود الذين ماتوا حديثًا بنفس الاعراض طلبًا لتفاصيل أكثر."

يرتجف الرئيس الامريكي في قوله:
"أخشى ما اخشاه أن يكون ذلك نوعًا من الاوبئة!"

-"هذا بالفعل ما استقر عليه اطبائنا في التشخيصات المبدئية للحالات , و من السرد...جفاف وبائي غريب!"

و يأمره الرئيس في خطورة:
-"أريدك أن تُبلغني بالتطورات أولًا فأول , كل معلومة تتكشف لكم , تبلغني بها مهما كانت تافهة , أسمعتني يا وزير الدفاع؟!"

-"حسنًا يا فخامة الرئيس."

يقف الوزير..يتجه نحو الباب..يخرج من حجرة المكتب البيضاوي..
يتابعه الرئيس بنظرات خاوية..
فقد كان في عالم آخر..
عالم من الاحتمالات..
بما أن..إذن..ربما..و بالتالي..

[/size][center]*يُتبع*[/center]

شكراااا اخ هشام على الروايه الرائعه